اعصار كاترينا ( الغضب الالهي )
صفحة 1 من اصل 1
اعصار كاترينا ( الغضب الالهي )
أبعاد كارثة اعصار كاترينا بدأت تتضح بعد يومين من وقوعها: مدينة نيو أورليانز على الساحل الأمريكي الشرقي توشك على الغرق، حالة من الفوضى والسلب والنهب تسود المناطق المنكوبة، وسط مخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض.
رغم فرار قرابة المليون شخص نتيجة للتحذيرات المسبقة تسبب إعصار كاترينا المرعب الذي ضرب خليج المكسيك وولايتي لويزيانيا ومسيسيبي جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية يوم الاثنين الماضي في قتل المئات وتشريد الآلاف، وأدت الرياح التي بلغت سرعتها 225 كيلومترا في الساعة في تكوين جدار من الأمواج العاتية بلغ ارتفاعها تسعة أمتار غمرت مناطق شاسعة من السواحل وحاصرت السكان الذين لجأوا إلى أسطح المنازل. وقد أعلنت السلطات الأمريكية انها نقلت بالفعل أكثر من 78 الفا إلى ملاذات الطوارئ وان عشرات الآلاف من المنازل والمكاتب دمرت. غير أن الكثيرين لا يزالون ينتظرون انتشالهم في زوارق تطوف شوارع المدن التي تغمرها المياه أو بطائرات هليكوبتر تحلق في سمائها.
وقد استعرض الرئيس الأمريكي بوش الدمار في لويزيانا ومسيسبي في رحلة بالطائرة من تكساس إلى واشنطن، وقال متأثرا: "إنها واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ أمتنا." وقال بوش بعد عودته إلى البيت الأبيض من عطلته في تكساس ليشرف على جهود الانقاذ "هذا التعافي سيستغرق وقتا طويلا. هذا التعافي سيستغرق سنوات." ووعد بوش ببذل جهد كبير لاعمار المنطقة المنكوبة. وأدلى بوش بهذه التصريحات في حين بدأ جهد إغاثة اتحادي كبير في لويزيانا ومسيسبي وأرسل آلاف من جنود الحرس الوطني الى المنطقة المدمرة. من ناحية أخرى أصدر عمدة "نيو أورليانز" راي ناغين أمرا بإخلاء المدينة بالكامل، محذرا من أن سكان المدينة بحاجة إلى أربعة أشهر على الأقل قبل أن يعودوا إلى منازلهم بسبب الدمار الفظيع الذي لحق بها.
الإدارة الأمريكية في مرمى سهام النقاد
يأتي اعصار كاترينا في وقت وصلت فيه شعبية الرئيس الأمريكي إلى أدنى مستوياتها، وقد تعالت أصوات ضحايا الفيضانات منتقدة الطريقة التي عالجت السلطات بها الكارثة. متهمين الإدارة الأمريكية بالبطء في اتخاذ الإجراءات اللازمة، وهو الأمر الذي يعيد إلى الأذهان اعصار اندريو الذي أطاح بشعبية الرئيس بوش الأب عام 1992 بسبب تهم مشابهة تناولت الطريقة التي عالجت بها إدارته الكارثة. وأبرز بعض المعلقين في جرائد أمريكية حالة الترقب التي تسود أوساط مواطني الولايات المنكوبة وانتظارهم أن يلقوا اهتماما شبيها بالاهتمام الذي لاقته نيو يروك بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر.
كذلك جاءت انتقادات حادة من المعسكر الديموقراطي تناولت انصراف الإدارة الأمريكية عن الاهتمام بالمشاكل الداخلية وحصر تركيزها على الحرب في العراق، وانتقد السيناتور الأمريكي فرانك لاوتينبرغ إهمال ترميم السدود التي تحيط بمدينة نيو أورلينز وإصلاحها لمصلحة التكاليف المرتفعة للحرب في العراق. وفيما انتقدت بعض الأصوات اهمال السلطات تدعيم السدود بعد وقوع الإعصار، الأمر الذي أدى إلى تهدم السدود بسرعة وعدم حجزها للمياه، مما ضاعف من المشكلة.
تفشي الفوضى والأوبئة
المشكلة الأكبر التي تواجه المحاصرين هي انقطاع التيار الكهربي وتوقف كافة المرافق عن العمل، فقد تعطلت المضخات التي تسير شبكة المجاري العمومية، مما جعل الشوارع تمتلئ بمياه ملوثة، إضافة إلى الجثث التي لا تزال ملقاة في الشوارع. وقد أعلنت السلطات الصحية الأمريكية حالة الطوارئ وسط مخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض الخطيرة. وناشدت المواطنين توخي الحرص والتأكد من نظافة المياه التي يشربونها عن طريق غليها.
من ناحية أخرى عمت حالة من الفوضى العارمة في المناطق المنكوبة وطلب حكام الولايات المتضررة 10 آلاف فرد إضافي من الحرس الوطني ليرتفع بذلك العدد الإجمالي إلى 21 الفا لن تقتصر مهامهم على جهود الإنقاذ بل تمتد إلى احتواء عمليات السلب والنهب. فقد خرج مواطنون مسلحون إلى الشوارع في بعض المناطق في محاولة لإقرار النظام في مدينة نيو اورليانز. وفي المناطق التي لم تغمرها المياه جلس أصحاب المتاجر أمام متاجرهم يحرسونها بأسلحتهم الخاصة. وتعرض العديد من المتاجر التي تبيع الطعام والسلع المنزلية لعمليات سلب ونهب وحطمت أبوابها ونوافذها. وشوهد بعض من شاركوا في هذه العمليات وهم يخرجون في هدوء من المتاجر المنهوبة وهم يحملون ما سطوا عليه.
خسائر اقتصادية فادحة
قد يُصعب المقارنة بين الإعصار كاترينا وأمواج المد التي ااجتاحت آسيا (تسونامي) من حيث حجم الخسائر في الأرواح، إلا أن الأول يتفوق بسهولة على أغلب الكوارث الطبيعية الحديثة من حيث التكلفة الاقتصادية للبحتة. فبينما قدرت الأمم المتحدة الخسائر المادية عن أمواج المد بنحو عشرة مليارات دولار قدر محللو المخاطر أن الإعصار كاترينا سيكلف شركات التأمين ما يصل الى 26 مليار دولار أي سيكون أكثر الأعاصير تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة.
وفي تطور موازي قالت وزارة الطاقة الأمريكية إنها ستفرج عن نفط من الاحتياطي الاستراتيجي لتعويض الفاقد في خليج المسكيك حيث أوقف الإعصار الإنتاج كليا. وانخفضت أسعار الخام الأمريكي إلى ما دون السبعين دولارا للبرميل عند نشر هذه الانباء ولكن أسعار البيع الآجل للبنزين قفزت بنحو 20 سنتا للجالون لتصل إلى 67ر2 دولار. وقال خفر السواحل الأمريكي أن ما لا يقل عن 20 منصة نفط بحرية وحفارا فُقدت في خليج المكسيك إما غرقا أو جرفتها المياه.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى